شكل الإعلام في واقعنا المعاصر عصب الحياة، ولا ينكر أحد مدى الانتشار الواسع للبث الإعلامي سواء الإذاعي أو الفضائي، أو حتى المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، وتجاوزه لجميع الحدود وتخطيه أقصى المسافات، وأصبح أثره واضحًا على كافة الأصعدة

الجمعة، 31 ديسمبر 2010

" تكنولوجيا الإعلام الجديد "

الإنترنت:

ساهمت شبكة الإنترنت في إيجاد شكل جديد من الإعلام عُرف في الأوساط الصحفية والعلمية
 بـ " الإعلام الجديد - New Media " أو الإعلام البديل،
وتعددت تصنيفاته بين مواقع إنترنت، ومجموعات بريدية، هذا بخلاف المدونين أو البلوجرز، والمنتديات الإلكترونية... إلخ. ساهم هذا الإعلام في الآونة الأخيرة في جذب الأنظار بعد تفجيره لعدد من القضايا أثارت الرأي العام وأرغمت حكومات كثيرة في اتخاذ قرارات ضد رغبتها.

التجارة الإلكترونية :

إن أحد أكثر التصورات الخاطئة لدى البعض عند الحديث عن التجارة الإلكترونية يرتبط بمدى توفر عنصر الأمان عند وضع رقم بطاقات الائتمان الخاصة بهم على الإنترنت ، حيث أن هناك مبالغة في الاعتقاد بأن القيام بذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة .

خدمات الشبكات الرقمية المتخصصة:

خدمات الشبكات الرقمية تختلف عن تلك الخدمات القياسية المشابهة والتي تقل كثيراً عن مثيلاتها الرقمية من حيث السرعة والدقة وإمكانية الاعتماد عليها.
ومن تلك الخدمات الرقمية : TI و T3 و ISDN وFrame relay و ATM و SONET و DSL .

خدمات الاتصال اللاسلكي:
إن تكنولوجيا الاتصال الجديدة وبشكل خاص الأقمار الصناعية والإنترنت لن تؤدي فقط إلى إزالة الحدود التي تفصل بين الشعوب ، ولكنها ستؤدي إلى قيام ثقافة كونية أو على أقل تقدير قيام قدر من المشاركة بين الشعوب في قيمها وأنشطتها الثقافية .

كثير من القنوات الفضائية و دور النشر والمؤسسات الصحفية لم تستطع حتى الآن استيعاب تكنولوجيا الإنترنت أو كيفية التعامل معها .. هل حقاً لازال أمامهم متسع من الوقت لذلك ؟ ربما يكون ذلك صحيحاً غير أن دور النشر و المؤسسات الصحفية تلك عليها أن تبدأ التفكير الآن في القادم الجديد إليهم والاستعداد لاستيعابه . هذا القادم الجديد الذي بدأت ملامحه في الظهور هو تكنولوجيا الإنترنت اللاسلكية .

ما هو الإعلام الجديد؟

الكل يتحدث عن الإعلام الجديد، استخدام الإعلام الجديد، تأثير الإعلام الجديد، و”الوطن” في عدد اليوم تخبرنا بأنها هي الإعلام الجديد. إذن ما هو الإعلام الجديد؟ هل هو مجرد الانتقال إلى وسيط الانترنت؟ إذا كان كذلك فتحوّل كبرى المؤسسات الإعلامية إليه سيضفي عليها هذه السمة وبالتالي فلن تختلف سياستها وهي في إعلامها الجديد عن القديم.
أم أن الإعلام الجديد حكرٌ على الأفراد دون المؤسسات؟ هل من الواجب أن يظهر الخبر أو الرأي بلغة بسيطة قد تحتوي على بعض الأخطاء النحويةُ والإملائية وتفتقر إلى التنظيم والترتيب الصحفي، وإن كان مرئياً فيكون التسجيل بكاميرا فيديو ذات جودة رديئة وصوت منخفض حتى نطلق عليه إعلاماً جديداً؟
ما هو العنصر الحاسم في الإعلام الجديد؟ هل هو عدم الانحياز والتعتيم؟ وهل استخدام الأفراد في ذلك يختلف عن المؤسسات؟ ألا ينحاز الأفراد إلى ما يؤمنون به  ويشيعون في ذلك الإشاعات؟ هل هناك فرق بين “سبق” و”الوطن”؟ أيهم أقرب للإعلام الجديد؟
أخشى أن تكرار لفظة “الإعلام الجديد” قد ألبسها لباس الثقة والموضوعية ورسمها بألوان زاهية وردية، فوجدت المؤسسات الإعلامية الكبرى نفسها بحاجة إلى أن تتسمى بها حتى تكون أقرب إلى الجمهور. فهل تضيع بذلك فكرة “الإعلام الجديد” التي تم تسويقها؟
إذن ليكن “الإعلام الجديد” وسيلة نقل يمتطيها من يشاء. هي مجرد استخدام الانترنت في نشر الأخبار والآراء بشكل مكتوب أو مسموع أو مرئي. لا يعني استخدامك لها أن تكون نزيهاً أو محايداً .. “كوول” ربما. وسيتضح ذلك جليّا عندما تدخل المؤسسات الإعلامية بكامل قواها إلى سوق الانترنت -وهي لم تفعل ذلك بعد-، وحينها سيصبح الجديد قديماً، وسيوكل كلٌ إلى عمله.

تأثير المتغيرات الإعلامية الجديدة على المجتمع السعودي


يشهد المجتمع، تحولات عميقة تشكل في حد ذاتها ثورة ثقافية وإعلامية، من شانها إحداث تغيرات مهمة في العديد من مجالات الحياة المعاصرة وتخلق نوعاً من التحديات السياسية والاجتماعية والاتصالية، والتي تشكل بمجملها معطيات تنعكس على حركة المجتمع المادية والفكرية، والأخلاقية وحتى الروحية، وعلى المثل والقيم والعادات والمعايير والأنماط الحياتية وطرق الحياة وأسلوب سلوكها.
ولقد أحدثت الثورة التقنية الجديدة في مجال
الإعلام العديد من التغيرات الاجتماعية في المجتمع في جميع الجوانب المعرفية والوجدانية والسلوكية، وعملت على خلق وسائل علاقات جديدة وطرقاً في العمل غير مسبوقة لم تعرفها الإنسانية من قبل، وما فرضته الثورة الجديدة في مجال الإعلام من سرعة بالغة في نقل المعلومات عن الأحداث إلا إشكالا ونماذج متعددة من الأفكار والثقافات من مجتمع إلى أخر، جميعها أدت إلى أشكال مختلفة من التغيرات في الحياة الفكرية ومظاهر العادات والقيم الاجتماعية، بل حتى في الأنساق الاجتماعية للمجتمعات المحافظة، والتي تتمثل في صراع الأجيال وتزاوج الأفكار والثقافات.
وكان طبيعياً
أن تعزز تلك المتغيرات الإعلامية العديد من التغيرات الاجتماعية سواء كانت تلك التغيرات ذات اتجاه سلبي أو ايجابي. ولن نقف عند الآراء المتصارعة حول سلبية هذه الثورة الإعلامية التي تتمثل في المتغيرات الإعلامية بدأ من المسرح إلى ثورة الشبكة العالمية (الانترنت) ووصولاً إلى تقنية الجوالات والرسائل النصية وتوظيفها في مجال نقل المعلومات عن الأحداث في العالم.
تركز هذه الدراسة على فهم التغيرات
الاجتماعية التي أحدثتها ثورة وسائل الإعلام الحديثة على البناء الاجتماعي من خلال الوقوف على التأثيرات التي شملت الجوانب الاجتماعية في المجتمع السعودي.
سوف
تعتمد هذه الدراسة في منهجها على دراسة الظاهرة في سياقها الاجتماعي من أجل فهم التغيرات الاجتماعية لوسائل الإعلام في المجتمع، متخذة من الوصف والتحليل الكيفي منهجا لها.
وسوف تصل الدراسة بإذن الله إلى مبتغاها، وتقديم النتائج التي تصبو
لها.

أثر القنوات الفضائية على المجتمع

ألقى الخبير الإعلامي الدكتور ميسر سهيل محاضرةً بعنوان (أثر الفضائيات العربية على الأمة )في قاعة المحاضرات بمركز ثقافي الميادين بدأها بالحديث عن وجود مئات القنوات التي توجه وتدير مجتمعات العرب والمسلمين لا تخدم في مجملها قضايا الأمة على الوجه المطلوب بل إنها تتجاهلها وبعضها يتعمد الإضرار بالمجتمعات العربية والإسلامية
من خلال ما يبث من أفكار وثقافة هابطة شوهت عقول قطاعات عريضة من العامة بسبب ما تنشره من مفاهيم مغلوطة ومعلومات مضللة ( حقوق المرأة - حرية الأبناء -تمرد الفتاة على الآداب والتقاليد ) ولعل أخطر ما تقوم به تلك القنوات التدرج في إنهاك المعتقدات والأصول لدى المجتمعات حيث تبدأ بطريقة مدروسة تربوياً ونفسيًا بشكل غير مباشر ابتداءً من المهم إلى الأهم إن استنساخ البرامج السلبية من الغرب موجود في معظم القنوات العربية وفي برامجها و هذا أحد العيوب التي تمس صميم رسالة التلفزيون لأن مهمة الإعلام هي الأخذ بايدي الناس نحو سلوك حسن ونشر الايجابيات علماً أننا لا نستطيع أن نعمم هذا على جميع القنوات الفضائية العربية حيث هناك قنوات تمتاز بالفكر والموضوعية إلا أن القنوات العربية تميل إلى الربح والتجارة ويمكن تقسيم الفضائيات إلى ثلاثة أقسام :‏
1- القسم الأول : يركز على الجانب الجاد الإيجابي لكن طريقة عرض بعض البرامج الجادة تفتقد التميز والجاذبية من قبل الجمهور مثل البرامج الثقافية والتعليمية التي تطرح بأغلب الأحيان بطريقة جافة غير مشوقة بينما استطاعت بعض الفضائيات الجادة السياسية والاجتماعية أن تستحوذ على شرائح واسعة بغض النظر عن توجهاتها فإنها أثبتت أن الإعلام الجاد هو قبلة الجماهير خصوصاً حين يكون ارتقائياً وتقع على الجمهور مسؤولية البحث و التمحيص‏
- القسم الثاني يركز على السلبيات وله نصيب كبير ويؤثر على التربية والسلوك وعلى ثقافة المجتمع إذا لم يحجم وتفرض عليه ضوابط كالبرامج المترجمة غير الهادفة وبعض البرامج التي تهدف لغزو فكري ثقافي والبرامج التي تخاطب الغرائز الجنسية بطريقة رخيصة .‏
القسم الثالث يمزج السلبي بالايجابي‏
وهو الأخطر لأن بعض شرائح المجتمع غير محصن معرفياً ويختلط عليه الأمر وقد يظن السلبي إيجابياً لعدم قدرته على التحليل لمعرفة الغش وكشف الكذب خصوصاً حين تنبش بعض البرامج السلبيات وتضخمها بغرض الإثارة وما دام الجمهور معرضاً لكل هذه القنوات بدون تمييز فلا شك أنها ستترك آثاراً سلبية تختلف بحسب السن والجنس والمستوى التعليمي .‏
إذن لابد من الاهتمام بالحديث عن أثر القنوات الفضائية بما تقدمه من برامج متعددة على شخصية المجتمع وقدرته على الاستفادة منها في تأسيس مدركاته الثقافية والحياتية والبداية مع آثار القنوات الفضائية على الحياة الزوجية فالثورة الإعلامية المعاصرة تعتبر من أهم أسباب المشاكل الاجتماعية التي انعكست سلبياتها على جميع جوانب الحياة الاجتماعية لا سيما العلاقة الزوجية فقد سرقت كثيراً من الأزواج من زوجاتهم بل ومن بيوتهم وغيرت أمزجتهم وتطلعاتهم وربما تؤدي في بعض الأحيان إلى حالات من الطلاق بما تعرضه من حوارات ضارة وتحايل وتلاعب وبرامج ومسلسلات تترسب مواقفها في العقل الباطن وتكون المرجع في تقديم المواقف واتخاذ القرارات .(‏
أما أثر القنوات على التربية الأسرية فبسبب حجم التأثير الإعلامي الكبير تبدل مفهوم الإشراف الأسري على الأبناء وتحدد هذا المفهوم بمسؤولية العناية الصحية والجسدية وتكبير الأبناء دون النظر إلى مدلول التربية أو اتجاهات التنشئة وانعكاسات ذلك على كثير من المعايير المتصلة بالقيم والسلوك إذ وفرت التكنولوجية أنماطاً من وسائل الترفيه واللهو مما جعل دور الأسرة هامشياً وبالتالي يكون الدور التربوي والتوجيهي للقنوات الفضائية أكثر خطورة على تنشئة الأطفال وما نغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي وحتى على مظهره الخارجي .‏
فمن الضروري أن تكون البرامج الموجهة للأطفال والناشئة منبثقة من روح الأمة و معتقداتها الدينية والاجتماعية والتاريخية بدل أن تكون مستوردة .‏
وعلى الصعيد الثقافي فبدلاً من أن تكون الفضائيات العربية معبرة عن ثقافة الأمة مؤدية لرسالتها وأداة للتبادل الثقافي فإن بعض القنوات تحولت لأدوات تغريب وتذويب ومسح لشخصية الأمة وتربية الأجيال على التفاهات الغربية والانحلال المادي أما على المستوى السياسي فقد أخفقت معظم قنواتنا الفضائية في أن تكون على قدر من التحدي في هذه المرحلة العصيبة التي أصبح فيها العداء سافراً اتجاه العرب والمسلمين فكم هو مخجل أن تقام عبر بعض القنوات الفضائية المهرجانات الغنائية وتقدم الجوائز الفاخرة للمطربين والمطربات في الوقت الذي يعاني الفلسطينيون من مجازر يومية وكيف نفسر قول مسئول عربي للفلسطينيين المجاهدين في غزة « من يتخطى الحدود سوف نكسر عظامه » بينما دولته تحتضن سفارة لإسرائيل في عاصمتها .‏
وفي هذا ليته يتابع الدكتور سهيل لابد أن ينقسم الإعلام العربي إلى إعلام ممانعة للمشاريع الاستعمارية الرامية إلى تقطيع أوصال المنطقة العربية و الإسلامية من قبل الشيطان الأكبر أمريكا ليقف هذا الإعلام الداعي بمواجهة إعلام الخنوع والاستسلام من خلال فضائيات همها الإقناع بضرورة التصالح مع عدو يمارس قتل العرب لهذا فمن واجب قادة الفكر الأحرار أن يساهموا بإرشاد الناس إلى ما ينبغي الابتعاد عن مشاهدته أولاً ثم ما يجب أن يتابع ثانياً من قنوات وبرامج ليعرفوا حقائق ما يدور حولهم في مسلسلات واقعية هم جزء منها .‏
والمطلوب من حكومات الدول العربية والإسلامية في الوقت الذي يتم فيه تحويل قنوات ناطقة باللغة العربية من الصف الثاني والثالث السابقين أن تشجع وتيسر السبل لقادة الفكر المخلصين بأن تنشئوا القنوات القادرة على مواجهة الغزو فثورة المعلومات لن تبقى خاضعة للاحتكار من قبل قوى الهيمنة وسيتمكن أولو الرأي الرشيد من امتلاك قنوات تبث الوعي الثقافي والديني والاجتماعي والسياسي لتجذب إليها المشاهدين وترسخ الحقائق الصادرة والمعلومات النظيفة .‏
ولابد من التأكيد على وعي المجتمع في حسن الاختيار ودور الأسرة في حسن التوجيه .

صياغة العقول تبدأ من توم وجيري

كتاب 'المتلاعبون بالعقول' للكاتب الأمريكي هربرت شيللر ذو دلالات مدهشة رغم أن الكتاب قد صدر في السبعينات وقبل وقت طويل من أحداث 11 سبتمبر/ايلول حتى لا تأخذنا روح المؤامرة إلى التوقف لما بعد الحدث فقط.
يقول شيللر 'كيف يجذب محركي الدمى الكبار في السياسة والإعلان وسائل الاتصال الجماهيري وخيوط الرأي العام' والكتاب يضع تصورا مدهشاً للمجتمع الأمريكي وللأجهزة التي تتحكم فيه بصورة علمية مثيرة.
يتسلسل بداية من المقدمة التي تعرف القائمون على أجهزة الإعلام في الولايات المتحدة بأنهم الذين يضعون الأسس والأفكار التي تجدد معتقدات ومواقف وسلوك الفرد. ويرى شيللر إن تضليل وبرمجة عقول البشر ما هو سوى تطويع الجماهير للأهداف والسياسات السائدة حتى يتم ضمان تأييد النظام بغض الِنظر إذا ما كان هذا النظام يعمل من خلال المصلحة العامة أو ضد الصالح العام للشعوب.
ويضيف هربرت شيللر بأنهم لا يلجئون إلى التضليل الإعلامي إلا عندما يبدأ الجمهور في الاستيقاظ والظهور على الساحة لكي يصحح مساره. أما عندما يكون الجمهور مضطهداً غارقاً في همومه وفقره المدقع ويعايش بؤس الواقع فهم يتركونه في غيبوبته دون تدخل.
أعتقد أن هذا الكتاب يصلح لحالة الخداع وقلة الحيلة التي يعيشها المجتمع العربي ومجتمعات العالم الثالث في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية. فهذه الدول بكل تأكيد تعيش حالة من التضليل الإعلامي المدعوم من عناصر رئيسية تتكون من حكام وأصحاب شركات وعملاء.
ويؤكد الكاتب في سطوره على حقيقة الوضع بين من يملكون ومن لا يملكون للحفاظ على الوضع كما هو عليه ولتكريس تميز من يملكون والإبقاء على الفئة التي لا تملك كما هي، وليس هناك حد فاصل يحدد الهوية لكلا الفئتين، فمن يناضل للحفاظ على موقعه حتى يظل من لا يملك محتفظاً بهويته الدونية. ولكي تستطيع الطبقة التي تملك تنتج باستمرار وتضيف المزيد إلى رصيدها مما يمنحها قوة أكثر.
يلمح شيللر في كتاب 'المتلاعبون بالعقول' بأن مهمة هذه الطبقة الاستمرار في التضليل الإعلامي لصالح الأجهزة الحاكمة، ولتظل هذه الأجهزة في وضع قابلاً لكسب وربح مزايا جديدة من الوضع الاقتصادي المتردي.
ولقد شعر الجمهور في وقت من الأوقات أن التضليل الإعلامي ما هو سوى أداة للهيمنة على العقول بالخداع والتحايل نجح في أن يجعل الجماهير منقادين ومقيدين ضمن أغلال أبواق الإعلام من تلفاز وإذاعة وصحف ومجلات رغم أنهم وفي أبسط الأمور في حياتهم اليومية يتصرفون ضد مصالحهم دون ما شعور بهذا العبء أو أدراك بأنهم مسيرون وليس مخيرون، أننا في أغلب الأحيان نجد أن هذا الجمهور الواعي بالمشكلة يختار ما هو ضد مصالحة وضد مستقبلة وإرادته.
وتتفنن الأجهزة الحاكمة في حيلها فيتخذ البعض منها رجال الدين كأدوات لتسيير منطق الوضع كما يريدونه, ويكون التفسير الديني لصالح أهداف المؤسسات الحاكمة كأن يقولوا هؤلاء للجماهير بأن طاعة الحاكم هي من طاعة الله وذلك ردة إلى مقولة أن الحاكم هو ظل الله في الأرض ويستمد منه سلطانه الذي لا ينافسه سلطان.. وعند الاعتراض على جزئية التفسير, سرعان ما ينبري هؤلاء المدججين بأبشع أدوات الردع بتكفير المعترضين من الجمهور حتى يستمر مسلسل التأثير على البسطاء وعلى عقولهم.
وفي بداية من سطور المقدمة يقول هربرت شيللر 'ففي داخل البلاد تنعم صناعة توجيه الجماهير بفترة نمو استثنائية بهدف تعليب وبرمجة العقول، وكما يفعل حكام العالم الثالث عندما يودون تسيير قرار أو قانون ما فهم يلجئون إلى وسائل الإعلام عن طريق السيطرة التكتيكية من صور ومعلومات بقصد التحكم في عقول الشعوب من خلال الاستفادة من الظروف التاريخية, وبهذا الأسلوب يصبح ابسط الناس وأشدهم حاجة أكثرهم تحمساُ لقوانين الملكية الفردية والحيازة وأشدهم عداوة للحرية في ابسط مفاهيمها.. بل هو يصبح أكثر الناس عداوة للمنتمي لها'.
وأتذكر أني قرأت شيئاً عن صناعة المعرفة أو بمعنى أكثر تحديدا ما عرف بمفهوم 'تصنيع المعرفة' حيث يقول لندون جونسون الرئيس الاميركي الاسبق والذي شهدت رئاسته تسارع وتيرة الحرب في فيتنام 'لقد راودني شعور عميق بالفخر وأنا أوقع القرار بحرية المعلومات فهو يعني أن الولايات المتحدة مجتمع منفتح يحترم فيه حق الشعب في المعرفة وتقوم الحكومة بأعداد المعلومات في كافة الفروع وعلى سبيل المثال تعد الحكومة بيانات عن الشعب والتعداد والإنتاج والاستهلاك والمصادر الأولية والعلاقات بين الأمم..الخ. ويستفيد الإعلاميون من هذه المعلومات باستخدامها لتوعية الشعب من خلال حملات الحكومة لأهداف معينة مثل الحد من استهلاك المياه أو الحد من استخدام الطاقة خاصة في حالات الحروب والمجاعات.'
لاحظ كيف استخدم الرئيس جونسون لفظة 'التوعية' ولم يستخدم لفظة 'التوجيه'.
لا أرى فارق كبيرا بين ما تفعله الولايات المتحدة وما تفعله حكومات العالم الثالث سوى أن تلك الحكومات دائما ما تتوخى الحذر من فتح باب المعلومات بل أنها تحجب معلومات صادقة عن أجهزتها الإعلامية، وفي كثير من الأوقات نجد أن هذه الحكومات تغلق تماماً باب المناقشة في إعطاء معلومة مهمة وللمثال عندما نسمع 'صرح مصدر مسؤول' فذلك إنهاء للخبر لا للفت الانتباه لفحواة، وليبقى المصدر المسؤول مجهولا.
ومثال آخر 'أن تقول أجتمع فلان مع فلان وناقشوا بعض القضايا الهامة وتم توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين الدولتين' وبالطبع لا أحد يدرك ماهية القضايا الهامة ولا البنود التي تم التوقيع عليها في البروتوكول.
هكذا بين الحقيقة والكذب تضيع آمال الشعوب، وبسبب حجب الحكومات للمعلومة الصادقة عن أجهزة الإعلام تضيع الثقة في الشركات الوطنية كما تضيع الثقة في الحكومات وفي المسئولين الكبار.'
من الواضح أن الخطر الذي يهدد الكيان الاجتماعي يكمن في الدافع التجاري الخالص والذي لا يستهدف سوى الربح والربح فقط، وبهذا أضيفت إلى الإعلان مواد وأشكال وألوان جعلت من السلعة المستهلكة صورة مغايرة للواقع وكأنها من ضرورات الحياة الأساسية وكأن لا غنى عنها فتشكل بذلك الخطر الذي اصبح يهدد استقرار كل أسرة.
ولا يردع صناع الإعلان أي رادع أخلاقي أو إنساني فهم يسعوا إلى جذب الجماهير من خلال مشاهد للعنف أو باللعب على الحس الجنسي لدى العامة من الجماهير مثل أن تظهر فتاة في ما دون العشرين من العمر وهي تمسك بقلم أحمر شفاه ثم تنفرج الشفتان بإثارة مفضوحة وتغمض العينين لتفوح بعض ذلك بصوت جنسي شره، ويقول الإعلان بأن الثمن فقط عدة دولارات ولكن من أين تأتي الفتيات بالدولارات في مجتمعات نامية مرهقة؟! وهل يكفي مرتب فتاة عاملة لاقتناء أحمر الشفاه.. هذا ناهيك عن الإثارة في الملبس والمأكل والمسكن الفاخر؟!.
كل هذا يتم من خلال الإعلان التليفزيوني وهو الذي حقق الكم من الإثارة الجنسية وخلق الرغبة الشديدة في الاقتناء.. وبالتالي تمت السيطرة على أفراد الأسرة الواحدة رغم أن المقومات الأساسية للنظام التجاري هو الدافع الذاتي دون الرجوع للقيمة الحقيقية للسلعة المعروضة وما إذا كانت مطلباً أساسياً أو رفاهية فقط.
كما يؤثر الإعلان ويبرمج العقول، هناك ما هو أخطر من ذلك وهو برمجة عقول الأطفال من خلال برامج قد تبدو مسلية وممتعة ولكن الأمر يبدو أخطر بكثير من ذلك من خلال ما يعرض من أفلام الكرتون ولو لاحظت كم العنف الموجود في أفلام 'توم وجيري' على سبيل المثال لتعجبت.. الأمر أخطر مما نتصور فالطفل يدرك ولكن لا يميز وبالتالي فهو سهل التكيف والتشبع بالمعروض.. وهذا الطفل هو نفسه الشاب الذي يبرمج على وتيرة عشق كرة القدم أو الموسيقى إلى درجة تكريسها كأولويات على مبادئ أساسية مثل الحقوق الوطنية وحقوق الإنسان والعمل الاجتماعي وحقوقه كدافع للضرائب في حياة أفضل وحقوقه كشاب في أن يجد مكاناً له في جامعات وطنه وأن يجد عملاُ وسكناً الخ من القضايا الأساسية.
هذا الخطر الكامن في حياتنا يختلف ويتطور ويندس ليشكل عنصرا من عناصر الضعف الإنساني ليلعب بعقولنا فنصبح جميعا لعبة في أيدي من لا ضمير لهم من أعداء الشعوب والحريات والحياة.

دور وسائل الإعلام في بناء الإطار المعرفي

وهو دور من أهم الأدوار التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام, ذلك أن بناء الإطار المعرفي للفرد
 في واقعه الاجتماعي إنما يعتمد في الأساس على خبراته المباشرة وغير المباشرة بالواقع الاجتماعي
المحيط به, ونظراً لصعوبة اعتماد الأفراد على خبرات مباشرة في فهم هذا الواقع بحكم الحيز الزمني
 الذي يمكن أن يتوفر للإنسان, ومحدودية الفرص المتاحة له للتعرف على ما يحيط به على نحو مباشر,
 فإنهم يعوضون ذلك باعتمادهم على وسائل الإعلام التي تقدم للأفراد المعلومات عن واقعهم, وبذلك تسهم
 هذه الوسائل كغيرها من مؤسسات المجتمع في تشكيل إدراك الأفراد لواقعهم وأدوارهم في ذلك الواقع.
ولقد ظهر مفهوم التربية الإعلامية في أواخر الستينات, وتطور ذلك المفهوم وأصبح ينظر إليه على أنه
 تعليم بشأن الإعلام وبشأن تقنيات وسائل الإعلام الحديثة, يهدف إلى إعداد الشباب لفهم الثقافة الإعلامية
 التي تحيط بهم والمشاركة فيها بصورة فعالة, أي التعليم والتعلم بشأن الإعلام حيث يكون الأطفال والشباب
 هم المستهلك الرئيس للخدمات الإعلامية.
 ويجب في هذا الإطار ضمان حرية الصحافة والرأي في إطار التعادلية بين حقوق الصحفيين وواجباتهم,
 وحق المواطن في صيانة حياته الخاصة من أي تشهير أو اعتداء أمر في غاية الأهمية.
كما أن أهم وظائف المقال النقدي هو التقويم, وهو جوهر المقال التحليلي الذي يعتمد على ثقافة كاتبه المتعمقة
 في مجالاته المتخصصة, ويعتمد على النقد العقلي للدوافع التي تكمن وراء الخبر أو الحدث, ليتمكن الكاتب
 في نهاية مقاله التحليلي من تقويم الحدث والوصول إلى الهدف المنشود, ولهذا يجب تفعيل وظائف الصحافة
 المتخصصة "الإخبار والإعلام والإمتاع والمؤانسة والتسويق أو الإعلان والتعليم أو التنشئة الاجتماعية والتوجيه
أو الإرشاد ثم التفسير أو الشرح".
إن الرسائل الإعلامية هي منتجات ثقافية تعكس أهداف وقيم واتجاهات القائمين بالاتصال بنفس القدر الذي تعبر
عن بعض احتياجات المتلقين لتلك الرسائل الإعلامية. 
ويجب أن نعترف بأنه يوجد نقص كبير تعاني منه البحوث العلمية في مجال الإعلام والاتصال في العالم العربي,
 بسبب أن هذا المجال يعتبر جديد نسبياً في العلوم الإنسانية العربية, بالإضافة إلى عدم توجيه البحث العلمي في
الجامعات العربية إلى مجال الاتصال لقلة الوعي بأهميته وجدواه, وظل العالم العربي تابعاً للبحث العلمي الغربي
في هذا المجال. إن الميدان لدينا يحتاج إلى منطلقات بحثية بأدوات منهجية متطورة لدراسة أثر المضامين التي تبثها
 وسائل الاتصال على المتلقين من الناشئة, ويجب الأخذ في الاعتبار مستوى ذكاء المتلقي لمادة تلك الوسائل, وعمره
 وتعليمه ومستوى ثقافته, وهي عوامل تلعب دوراً خطيراً في حجم التأثير الذي تحدثه, وأسباب المطالبة بهذه البحوث
 منطلقة من أهمية وسائل الإعلام ذاتها, ومن اهتمام الجمهور والحكومات بتأثير وسائل الإعلام, ويحتاج أيضاً إلى
 إجراء دراسة على القائمين بالاتصال أو المسئولين عن توجيه الرسالة الإعلامية للنشء آخذة في الاعتبار خلفياتهم
الأسرية, ومستوياتهم الاقتصادية, وتوجهاتهم المهنية, ومستوياتهم التعليمية ومراتبهم الوظيفية, وتأثير ذلك على
 موقفهم من بعض قضايا مجتمعهم, وتتلخص الإشكالية في عدم وجود استراتيجية ثقافية شاملة يتم خلالها التخطيط
 السليم ووضع الأهداف المراد تحقيقها من خلال نشر هذه المواضيع وسبل معالجتها وكيفية طرحها.

الإعلام الجديد يسقط عرش الإعلام “العربي” القديم!!


“تداعيات الانتخابات الإيرانية, سيول جدة, أمطار الرياض, مجزرة أسطول الحرية,…إلخ”
كلها أحداث أثبتت سيادة الإعلام الجديد في مواجهة تعتيم و غموض الإعلام “العربي” القديم, بل أصبح الإعلام الجديد يعتبر مصدر حقيقياً للأخبار بالصوت و الصورة!!
ستسألون لماذا كتبت في عنوان المقالة (( الإعلام الجديد )) وَ (( الإعلام “العربي” القديم ))؟؟ للسبب بسيط أن الغرب سخروا مصادر الإعلام الجديد في خدمة الإعلام القديم و بشكل يحسب لهم لأننا و للأسف إعلامنا العربي بدل من أن يسخر تلك المصادر في خدمة الكلمة و المصداقية استهدف كل تلكم المصادر في التعتيم و التغطية!!
بالطبع إنه ليس سراً عليكم أن متلقين الإعلام القديم أكثر من مقابله الجديد و ذلك لأن ثقافة استخدام الشبكة العنكبوتية لدينا محصور أولاً على شريحة صغيرة نسيباً من مجتمعاتنا, ثانياً أننا نفكر في المتعة في هذه الشبكة دونما التفكير بما قد تدره لنا من معلومات و أخبار جديدة تغنينا عن القنوات الإخبارية و العلمية و الوثائقية!!

بعض تلكم المواقع التي لها وزنها في “الإنترنت” الشبكات الاجتماعية مثل: (فيس بوك وَ تويتر وَ يوتيوب) فهذه الشبكات ساعدت في إخراج الإعلام الجديد بصورته البهية الرائعة بل تعد من الأدوات الهامة في الإعلام الجديد و غيرت نظرة من كان يبحث عن المتعة و اللهو في هذه الأوساط إلى التفكير ملياً بأن هذه المواقع ليست إلا سلاح ذو حدين من أراد اللهو و المتعة دون المصداقية و الخبر و المعلومة سيجدها و العكس صحيح !!!
لا ننسى أن الإعلام الجديد أدى ارتفاع سقف الحرية بشكل ملفت و مغاير تماماً لما كان عليه في السابق, فالآن “التدوين” أو ما يعرف “Blogging” أصبح في العالم أجمع مكان للتنفيس عما بداخل مستخدمي هذه التقنية و خصوصاً في عالمنا العربي كانت هناك حملات تعريفية بهذا النشاط فكل شخص كان يكتب على جدار مدونته تعريف بهذه الصرعة الجديدة و يدافع عنها بكل ما أوتيَ من قوة, بل أحياناً تستخدم الأدوات الآنفة الذكر كمصادر لنشر إحصائيات و معلومات حول موضوع معين ليستعين بها “المدوّن” في كتابة تدوينته الجديدة.

كما لا يخفى عليكم أن هذا النوع من الإعلام له سلبياته و إيجابياته كم للنوع الآخر سلبياته و إيجابياته أيضاً, فمن إحدى سلبياته أن توجه الكثير من مرتادي المنتديات الإلكترونية الترفيهية في عالمنا العربي للشبكات الإجتماعية و كما هو معروف للأغلبية أن هذا النوع من المنتديات الإلكترونية ينقصها الكثير من المصداقية في نقل الخبر و المعلومة, ساهم في تقليل المصداقية نسبياً في بعض الأخبار المتناقلة في الشبكات الإجتماعية و التي هي أدوات أساسية للإعلام الجديد, و أيضاً قتلت تلك الشبكات الإجتماعية “خصوصية” المجتمعات المحافظة كمجتمعاتنا الشرقية على سبيل المثال فأصبح التواصل بموقع كـ “فيس بوك” بسيط للغاية افتح صفحة الشخص الذي ترغب بالتواصل معه و اضغط أيقونة “إرسال رسالة” و ما عليك سوى إرسال ما تريد له!!! لذلك خرجت شركة “فيس بوك” في الأيام القليلة الماضية تعد مستخدمي هذه الشبكة برفع مستوى الخصوصية.

أما “تويتر” فلهذه الشبكة حكاية أخرى, بادىء ذي بدء لنعرف ما سبب تسميتها بهذا الإسم “تويتر |
Twitter
” أتى من “تويت | tweet” و هي التغريدة إذاً التويتر معناه التغريد إذاً أنت تغرد نعم تغرد بما شئت و لمن شئت و تابع من شئت من الأشخاص هناك!! تويتر ميزته أنه بإمكانك التناقش أو التغريد فقط بـ مواضيع و حقول و عن أحداث معينة فقط بإضافة رمز # قبل الموضوع أو الحقل أو الحدث المعنى بالـ”تتويتة” و هو مايسمى الـ “Trending” مثال لذلك #RaiydhRain كانت مخصصة لأمطار الرياض أو #Freedomflotilla كانت مخصصة لأسطول الحرية الموجه لغزة.

إذاً هذا هو الإعلام الجديد أو ما يلقب بالسلطة الخامسة و هو من أسقط عرش الإعلام القديم بعد أن أثبت مدى قوة أدواته و مصداقيته في نقل الخبر و المعلومة, و لنأمل وصول الإعلام القديم إلى ما وصل له الإعلام الجديد!!

ختاماً أقول ما قاله الإخوان في مقطع الإعلام الجديد :

“الإعلام الجديد .. هو إعلامك أنت”

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

خاطرة حول الإعلام الجديد

من عادة الناس ، أنّهم يأخذون بمبالغةٍ كبيرة وتهويلٍ عظيم كلّ أمرٍ مستحدثٍ وجديد يفد إليهم .
فهم إمّا أن يرفضوه جملةً وتفصيلاً ويلعنون الآخذ به والشارب منه ، أو أنّهم ينبهرون بهِ حدّ العمى !
خذ مثلاً قبعة الساحر السوداء ،  الّتي يمدّ يديه إليها فتخرج منها الأرانب والحمامات والمناديل الملونة ، كان الناس قديمًا يصرخون بدهشةٍ وإعجاب عند رؤيتها تتقافز على المسرح ، لكنّها اليوم لم تعد تثير دهشتنا أو إعجابنا ، ببساطة لأنّ بريق الجديد فيها قد خفت ، ولأنّ أغلب أساليب السحرة قد كُشفت !
والإعلام الجديد .. ” جديد ” ، والنّاس قد أخذت به على الوجه الثاني ، فهو قبّعة الساحر الّتي تخرج لنا الأرانب والحمامات البيضاء ، وقبعة الساحر لا يمكن أن تُخرج البزاقات والثعابين والحشرات المقرفة ! وكذلك هو الإعلام الجديد في أعيننا اليوم ، مثاليّ وناضج وصادق ولا يمكن أن يكون غير ذلك .
عندما تخطئ وسائل الإعلام التقليديّ فنحن نصرّح : الحلّ في الإعلام الجديد ، وعندما تكذب القنوات التلفازيّة أو تنافق الصحف أو تهبط الإذاعات ، نبتسم بنصرٍ : لا شيء أصدق من الإعلام الجديد .
دعونا ننظر إلى الإعلام الجديد بموضوعيّة أكبر ، هل نظرتنا المثاليّة نحوه صحيحة ؟ وهل هو حقًا البديل الَّذي سوف يقضي على وسائل الإعلام التقليديّة الَّتي تتحكّم بها المؤسسات الحكوميّة والخاصّة ؟

ما هو الاعلام الجديد؟

الاعلام التقليدي والاعلام الجديد

 

بقلم ايمان بخوش

ان ظهور اي جديد غالبا ما يطرح اتجاهه رأيين متناقضين، إما معارض لهذا الجديد ورافض له لعدة اسباب منها الموضوعية ومنها الذاتية،وإما مؤيد له – او حتى مؤيد حد الانبهار -بما لا يدع مجالا للتشكيك في هذا الجديد سوى لكونه جديد.
فهل صحيح ان كل جديد هو بالضرورة حل سحري للمشكلات التي تسبقه؟وهل كل جديد بالضرورة معاد لما هو قديم؟
لو حاولنا الاجابة عن التساؤلين السابقين،سيكون الجواب كالاتي:
1-صحيح ان كل ماهو جديد يحمل بالضرورة جزء من حل المشكلات التي تسبقه،لكونه يحاول الدخول من منافذ كانت مغلقة في غيابه،وهو ما يرتكز عليه الاعلام الجديد،الذي اكتسب شهرته لكونه فتح افاق جديدة للنقاش وطرح الاراء ، بطريقة خلاقة و عملية،وتمنح الجميع فرصة المشاركة في تبادل ونشر المعلومات.
2-كل ما هو جديد معاد لما هو قديم عند فئتين لا ثالث لهما ، الاولى التي تخاف من الجديد في حد ذاته ، وترفض ان يتغير الوضع القائم ، لان في ذلك مساس بالنمط العام للحياة،و فئة ثانية ترفض الجديد لكونه يشكل خطرا على مكانتها وسلطتها ويضعف من قوة تاثيرها، والرافضون للاعلام الجديد هم غالبا من الفئة الثانية .
مما سبق يبدو ان لكل جديد مؤيدين ومعارضين ، وهو ما ينسحب على الاعلام الجديد ايضا ، لكن ما اود ان اناقشه هو لماذا دوما او غالبا ما يوضع الاعلام الجديد في محل مواجهة مع الاعلام التقليدي؟ ولماذا الافتراض بان الاعلام الجديد سيقضي على الاعلام التقليدي؟
بعبارة اخرى ، الاغلبية – حسب ما لاحظت فقط -تعتقد دوما بوجود عدواة ما بين الاعلام الجديد والتقليدي، ولو ان الواقع يقول غير ذلك ، فالاعلام الجديد وان كان يحمل في طياته اساليب اتصالية جديدة ، سمحت للكثيرين بولوج عالم مفتوح على الاراء والافكار بمختلف اشكالها ، والغى الى حد ما بعض القيود التي كانت مفروضة على الصحافة التقليدية ، الا انه لم يكن بالضرورة معاديا للاعلام التقليدي او مهددا لمكانته ، فالمعروف انه رغم تعدد الوسائل الاتصالية وكثرة الاكتشافات لم تلغ اي وسيلة اتصال وسيلة اخرى،بل كل اداة ظلت محافظة على خصوصيتها وجمهورها ، فالراديو لم يلغ الصحافة المكتوبة ، والتلفزيون لم يلغ الراديو ، واعتقد ايضا ان ادوات الاعلام الجديد لن تشكل تهديدا على وسائل الاعلام التقليدية.
ان العلاقة بين الاعلام الجديد والتقليدي ، تتجاوز علاقة التضاد والتنافر لتصل الى علاقة التكامل والتداخل ، فالصحف باتت تعتمد على ادوات الاعلام الجديد في نقل الاخبار ، وكذلك القنوات التلفزيونية ، وعلى الجانب الاخر لا يمكن انكار ان وسائل الاعلام الجديد تعتمد في كثير من الاحيان على ما يتم بثه ونشره من خلال قنوات الاعلام التقليدي .
خلاصة القول لابد ان يتفق القائمون على  الاعلام الجديد والتقليدي على وجود علاقة صحية تجمع بين الوسيلتين ، خصوصا في الوطن العربي ، اذ يبدو لي ان جزء لا باس به من النجاح الذي حققه الاعلام الجديد راجع الى بعض الحصص التلفزيونية التي تناولت هذا الموضوع ، و الاعلام التقليدي ايضا استفاد بشكل كبير مما يتم تداوله عبر المدونات والشبكات الاجتماعية ، لذا وجب تصحيح النظرة القائلة بان الاعلام الجديد سيهزم الاعلام التقليدي لان الاصح هو ان العلاقة بينها تكاملية اكثر منها تنافسية.