ألقى الخبير الإعلامي الدكتور ميسر سهيل محاضرةً بعنوان (أثر الفضائيات العربية على الأمة )في قاعة المحاضرات بمركز ثقافي الميادين بدأها بالحديث عن وجود مئات القنوات التي توجه وتدير مجتمعات العرب والمسلمين لا تخدم في مجملها قضايا الأمة على الوجه المطلوب بل إنها تتجاهلها وبعضها يتعمد الإضرار بالمجتمعات العربية والإسلامية
من خلال ما يبث من أفكار وثقافة هابطة شوهت عقول قطاعات عريضة من العامة بسبب ما تنشره من مفاهيم مغلوطة ومعلومات مضللة ( حقوق المرأة - حرية الأبناء -تمرد الفتاة على الآداب والتقاليد ) ولعل أخطر ما تقوم به تلك القنوات التدرج في إنهاك المعتقدات والأصول لدى المجتمعات حيث تبدأ بطريقة مدروسة تربوياً ونفسيًا بشكل غير مباشر ابتداءً من المهم إلى الأهم إن استنساخ البرامج السلبية من الغرب موجود في معظم القنوات العربية وفي برامجها و هذا أحد العيوب التي تمس صميم رسالة التلفزيون لأن مهمة الإعلام هي الأخذ بايدي الناس نحو سلوك حسن ونشر الايجابيات علماً أننا لا نستطيع أن نعمم هذا على جميع القنوات الفضائية العربية حيث هناك قنوات تمتاز بالفكر والموضوعية إلا أن القنوات العربية تميل إلى الربح والتجارة ويمكن تقسيم الفضائيات إلى ثلاثة أقسام :
1- القسم الأول : يركز على الجانب الجاد الإيجابي لكن طريقة عرض بعض البرامج الجادة تفتقد التميز والجاذبية من قبل الجمهور مثل البرامج الثقافية والتعليمية التي تطرح بأغلب الأحيان بطريقة جافة غير مشوقة بينما استطاعت بعض الفضائيات الجادة السياسية والاجتماعية أن تستحوذ على شرائح واسعة بغض النظر عن توجهاتها فإنها أثبتت أن الإعلام الجاد هو قبلة الجماهير خصوصاً حين يكون ارتقائياً وتقع على الجمهور مسؤولية البحث و التمحيص
- القسم الثاني يركز على السلبيات وله نصيب كبير ويؤثر على التربية والسلوك وعلى ثقافة المجتمع إذا لم يحجم وتفرض عليه ضوابط كالبرامج المترجمة غير الهادفة وبعض البرامج التي تهدف لغزو فكري ثقافي والبرامج التي تخاطب الغرائز الجنسية بطريقة رخيصة .
القسم الثالث يمزج السلبي بالايجابي
وهو الأخطر لأن بعض شرائح المجتمع غير محصن معرفياً ويختلط عليه الأمر وقد يظن السلبي إيجابياً لعدم قدرته على التحليل لمعرفة الغش وكشف الكذب خصوصاً حين تنبش بعض البرامج السلبيات وتضخمها بغرض الإثارة وما دام الجمهور معرضاً لكل هذه القنوات بدون تمييز فلا شك أنها ستترك آثاراً سلبية تختلف بحسب السن والجنس والمستوى التعليمي .
إذن لابد من الاهتمام بالحديث عن أثر القنوات الفضائية بما تقدمه من برامج متعددة على شخصية المجتمع وقدرته على الاستفادة منها في تأسيس مدركاته الثقافية والحياتية والبداية مع آثار القنوات الفضائية على الحياة الزوجية فالثورة الإعلامية المعاصرة تعتبر من أهم أسباب المشاكل الاجتماعية التي انعكست سلبياتها على جميع جوانب الحياة الاجتماعية لا سيما العلاقة الزوجية فقد سرقت كثيراً من الأزواج من زوجاتهم بل ومن بيوتهم وغيرت أمزجتهم وتطلعاتهم وربما تؤدي في بعض الأحيان إلى حالات من الطلاق بما تعرضه من حوارات ضارة وتحايل وتلاعب وبرامج ومسلسلات تترسب مواقفها في العقل الباطن وتكون المرجع في تقديم المواقف واتخاذ القرارات .(
أما أثر القنوات على التربية الأسرية فبسبب حجم التأثير الإعلامي الكبير تبدل مفهوم الإشراف الأسري على الأبناء وتحدد هذا المفهوم بمسؤولية العناية الصحية والجسدية وتكبير الأبناء دون النظر إلى مدلول التربية أو اتجاهات التنشئة وانعكاسات ذلك على كثير من المعايير المتصلة بالقيم والسلوك إذ وفرت التكنولوجية أنماطاً من وسائل الترفيه واللهو مما جعل دور الأسرة هامشياً وبالتالي يكون الدور التربوي والتوجيهي للقنوات الفضائية أكثر خطورة على تنشئة الأطفال وما نغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي وحتى على مظهره الخارجي .
فمن الضروري أن تكون البرامج الموجهة للأطفال والناشئة منبثقة من روح الأمة و معتقداتها الدينية والاجتماعية والتاريخية بدل أن تكون مستوردة .
وعلى الصعيد الثقافي فبدلاً من أن تكون الفضائيات العربية معبرة عن ثقافة الأمة مؤدية لرسالتها وأداة للتبادل الثقافي فإن بعض القنوات تحولت لأدوات تغريب وتذويب ومسح لشخصية الأمة وتربية الأجيال على التفاهات الغربية والانحلال المادي أما على المستوى السياسي فقد أخفقت معظم قنواتنا الفضائية في أن تكون على قدر من التحدي في هذه المرحلة العصيبة التي أصبح فيها العداء سافراً اتجاه العرب والمسلمين فكم هو مخجل أن تقام عبر بعض القنوات الفضائية المهرجانات الغنائية وتقدم الجوائز الفاخرة للمطربين والمطربات في الوقت الذي يعاني الفلسطينيون من مجازر يومية وكيف نفسر قول مسئول عربي للفلسطينيين المجاهدين في غزة « من يتخطى الحدود سوف نكسر عظامه » بينما دولته تحتضن سفارة لإسرائيل في عاصمتها .
وفي هذا ليته يتابع الدكتور سهيل لابد أن ينقسم الإعلام العربي إلى إعلام ممانعة للمشاريع الاستعمارية الرامية إلى تقطيع أوصال المنطقة العربية و الإسلامية من قبل الشيطان الأكبر أمريكا ليقف هذا الإعلام الداعي بمواجهة إعلام الخنوع والاستسلام من خلال فضائيات همها الإقناع بضرورة التصالح مع عدو يمارس قتل العرب لهذا فمن واجب قادة الفكر الأحرار أن يساهموا بإرشاد الناس إلى ما ينبغي الابتعاد عن مشاهدته أولاً ثم ما يجب أن يتابع ثانياً من قنوات وبرامج ليعرفوا حقائق ما يدور حولهم في مسلسلات واقعية هم جزء منها .
والمطلوب من حكومات الدول العربية والإسلامية في الوقت الذي يتم فيه تحويل قنوات ناطقة باللغة العربية من الصف الثاني والثالث السابقين أن تشجع وتيسر السبل لقادة الفكر المخلصين بأن تنشئوا القنوات القادرة على مواجهة الغزو فثورة المعلومات لن تبقى خاضعة للاحتكار من قبل قوى الهيمنة وسيتمكن أولو الرأي الرشيد من امتلاك قنوات تبث الوعي الثقافي والديني والاجتماعي والسياسي لتجذب إليها المشاهدين وترسخ الحقائق الصادرة والمعلومات النظيفة .
ولابد من التأكيد على وعي المجتمع في حسن الاختيار ودور الأسرة في حسن التوجيه .
هناك 5 تعليقات:
موضوع رائع
فعلا التغيير واضح وملموس
كل وسائل الاعلام من جديد وقديم فعلا استطاعت التأثير على المجتمع سلبا وإيجابا
موضوع مميز
الله ينصر الإسلام والمسلمين ويردهم إليه ردًا جميلًا..
على الأهل ملاحظة ومتابعة ما يشاهده الأبناء حتى لاتقع أعينهم على ما يثير غرائزهم ويدمر أخلاقهم
أعتقد أن سبب التحلل الأخلاقي كان بدايته التلفاز ومن ثم هذه الفضائيات
إرسال تعليق