شكل الإعلام في واقعنا المعاصر عصب الحياة، ولا ينكر أحد مدى الانتشار الواسع للبث الإعلامي سواء الإذاعي أو الفضائي، أو حتى المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، وتجاوزه لجميع الحدود وتخطيه أقصى المسافات، وأصبح أثره واضحًا على كافة الأصعدة

الاثنين، 3 يناير 2011

دور تغييري للآي باد في قطاع الإعلام الجديد

ربما عاب الكثير على الآي باد القضية المعروفة والممتدة منذ عهد الآي فون وهي تعددية المهام multi tasking بالرغم من أن هذا قد لا يعتبر عيبا إن تم نقاشه من زوايا ووجهات نظر أخرى لها مايبررها لدى أبل ونرى وجاهتها ومبررها القوي لكن ليس هذا مجال الحديث عنها الآن.
إلا أن تعددية الاستخدام تعتبر السمة الأبرز لجهاز الآي باد الجديد والذي تم الكشف عنه منذ أيام. تعددية الاستخدام هذه تتيح لك لوح إلكتروني نحيف بلمس متعدد multi touch يخدم في العديد من المجالات والاستخدامات.
فهو قارئ كتب إلكتروني بمكتبة مدعومة وواعدة بالكثير.
وهو جهاز انتاجي تفاعلي يمكنك أن تكتب به وتسطر وترسم وتنشئ الكثير بواسطة حزمة iWork
وهو منصة ألعاب متميزة
وهو متصفح إنترنت مريح
وهو وهو وهو.. إلخ من مجالات ربما لم ينتبه لها أحد إلى الآن ومازالت تدور في العقول الباطنة للمبرمجين والمطورين بما ستتفتق عنه عقولهم من فتوحات ومجالات كبيرة يخدمها هذا الجهاز في الحياة العامة.
من أهم مالاحظته عند متابعتي للمؤتمر الذي تم الكشف فيه عن هذا الجهاز. أن الآي باد سيدشن مرحلة جديدة في عالم الإعلام الجديد وتقنياته وتطبيقاته.
لطالما احتاج الصحفي والمراسل إلى وسيلة فعالة ذات حجم مناسبة واتصال دائم بالإنترنت لنقل الوقائع والأحداث والتغطيات. فالجهاز الشخصي وأيضا اللاب توب بحجمه الكبير نوعا ما وتعقيداته واحتياجه المستمر للطاقة لم يكن يناسب التنقل المستمر.
الجوالات بما فيها الهواتف الذكية كالآي فون وغيرها بصغر حجمها لم تكن مناسبة ايضا للتغطية والكتابة المستمرة.
جاء الآي باد ليمثل حلاً وسطاً بين هؤلاء وأولئك بحجمه ودقته وتطبيقاته المتنوعة. فلا أسهل على الصحفي والإعلامي من التنقل المستمر بهذا الجهاز الخفيف والمريح وتغطية الأحداث والمؤتمرات والوقائع. ولاشك بان الأمر سيحدث ثورة أكبر لو رأينا في نسخ لاحقة منه كاميرا خلفية أو أمامية تنقل الأحداث المرئية وتسجلها. والأمر لا يقتصر على الصحفيين بل كل من تشملهم فئة الإعلام الجديد من مدونين وغيرهم.
قراءة الصحف والمجلات إلكترونيا هو أمر آخر سيحدث تغييرا كبيرا في عالم الطباعة والإعلان والوسائط المتعددة.. فمع انهيار قطاع الطباعة المستمر والموت المتسارع له يأتي الآي باد وأمثاله لكي يوفروا الوسيلة المثلى لمتابعة الصحف والمجلات وهذه المرة إلكترونيا بل وبشكل مختلف كإمكانية مشاهدة مقاطع مرئية أو استماع لمقاطع صوتية داخل الجريدة أو المجلة وحتى مشاهدة إعلانات تجارية مضمنة في تلك الوسائل!
الأمر سيتعدى هذا وسنرى ناشرين حصريين (اتفقت أبل بالفعل مع خمس من دور النشر الكبرى في أمريكا) ومؤلفين للكتب على الآي باد فقط وإذا سارت الأمور إلى الأمام بقوة فسنرى سوقا جديدة وواعدة صنعتها أبل مرة أخرى لقطاع جديد من الناس. خصوصا مع تشغيل المتجر الجديد لأبل والمشابه لآي تيونز ولكن هذه المرة لبيع الكتب بدلا من الصوت والموسيقى.
هوليوود ربما ستتجه هي الأخرى ومن منتجين آخرين لأفلام تعمل حصريا أو بشكل غير حصري على الآي باد بسوق مشابهة لما نراه الآن من نسخ الكتب التي تباع لجهاز كندل من أمازون ذات الأسعار المنخفضة.
وبحسب أحد الناشرين فأن سوق استهلاك المحتوى سيتغير تماما مع تدشين الآي باد وسيزدهر من جديد وسيتم الإستفادة من المعلومة بشكل أكبر مما يحدث الآن في الإعلام التقليدي والجديد. حيث ستجذبك هذه التقنية الجديدة للمزيد من القراءة، للمزيد من الاستماع، للمزيد من المشاهدة، وبالتالي المزيد من الإنتاج والمساهمة.
فنموذج الدولار الواحد لشراء برنامج أو محتوى أو أغنية من الآي تيونز والذي حقق نجاحا باهراً (لم يكن أحد يتصور أو مستعد للدفع مقابل موسيقى أو مجتوى أو برنامج جوال قديما لكن أبل غيرت هذا كله) سيتكرر مرة أخرى مع الآي باد والمتجر الجديد للكتب وبالتالي الحديث عن ثورة كبرى سيحدثها الآي باد حتى قبل تشغيله هو أمر ليس مبالغا به، والعتب عمن أشغلهم الشيطان بالتفاصيل التقنية الصغيرة وغابت عنهم الصورة الكبرة والنظرة الأبعد للآي باد
بهذا سينتعش سوق الكتب الإلكترونية بشكل أكبر بل وربما سيقفز بقوة إذا وصل هذا الجهاز للجامعات والمدارس حيث الاستفادة القصوى له ومنه بدلا من الحقائب والكتب المدرسية التقليدية والمملة والمؤخرة للمسيرة التعليمية.
لا شك بأن الآي باد سيكون المنقذ وليس المميت لسوق الطباعة والنشر حيث أبدى العديد من هؤلاء ارتياحهم لهذا المنتج بما يمثله من دور المنقذ لهم من أزمتهم بتعاون قادم لنشر منتجاتهم ومطبوعاتهم عبر الآي باد إلا أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن هذه الخطط وحزم الإشتراكات والأسعار. لكن لا شك أن الحماس يملأ الجميع لمشاهدة المرحلة المقبلة التي سيدشنها الآي باد.
أحد الكُتّاب وصف ستيف جوبز بأنه سيُذكر في التاريخ كمرادف لغوتنبرغ أبو الحروف المطبعية والمطبعة لكن هذه المرة رقميا
إنها الصورة الكبرى والنظرة الأبعد.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

موضوع مفيد بورك فيكم